العُمانية/ احتفلت سلطنة عُمان اليوم بأوّل أيام عيد الأضحى المبارك، وقد أدّى حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم /حفظهُ اللهُ ورعاهُ/ صلاة عيد الأضحى المبارك لعام ١٤٤٥هـ صباح اليوم بجامع معسكر المرتفعة بمحافظة مسقط.
ولدى وصول جلالةِ القائدِ الأعلَى إلى مقرّ معسكر المرتفعة أدت ثُلةٌ من حرس الشرف التحيّة العسكريّة لجلالتِه /أيّدهُ اللهُ/ ترحيبًا بمقدمِه الميمون.
عقب ذلك أمّ المُصلّين معالي الدكتور محمد بن سعيد المعمري وزيرُ الأوقاف والشؤون الدينية، الذي استهلّ خُطبة العيد بالتكبير والحمدِ لله على نِعَمِه والصّلاة والسّلام على نبيّه الكريم.
وأكّدت الخُطبة على أنّ أيام الحجّ تجديدٌ لإيمانية التوحيد، وتعزيزٌ لمحاسن الأخلاق والقيم في اليُسر والعُسر، والحُبّ والكُره، وفي الحرب والسَّلام، ومن هدْيهِ بناء الوطن وبسط الأمن ومتانة الاقتصاد، نترجمه نحن في ثنايا الوطن وترابه، ونعمل به في واقع أنفسنا وعلاقاتنا، نُحرمُ في الوطن بقسمِ الولاء والطاعة، ونلبس ثوب الهُويّة والمُواطنة، ونطوف على عمرانه بالعمل والبناء، ونسعى في مصالحه وثوابته، ونحرس مبادئه، ونرتوي من زمزم ثمراته.
وفيما يأتي نصُّ الخُطبة:// اللهُ أكبر ما قصد الحجيجُ بيت الله العتيق.
اللهُ أكبر ما اعتصم العبادُ والبلادُ بالعهد الوثيق.
اللهُ أكبر اللهُ أكبر لا إلهَ إلا اللهُ والله أكبر
الحمد لله متمّم النِّعم، جزيل العطايا دقيق الحكم، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحابته ومن تبعهم من سائر الأمم (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
أيها المؤمنون:
أيام الحجّ تجديدٌ لإيمانيّة التوحيد وأخلاقية التعامل، إذ الإيمان تجرّدٌ في النفس، وجمالٌ في القلب، وسماحةٌ في الفعل: ﴿ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِىَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾ طهارة السلوك ترجمة لإيمان القلب.
في الحجّ روحُ الإيمان وتعزيزٌ لمحاسن الأخلاق والقيم في اليُسر والعُسر، والحبّ والكُره وفي الحرب والسّلام: ﴿الحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ﴾ .
أيها المؤمنون:
مقامات الحجّ تعبيرٌ رمزيٌّ لمفارقات الحياة ووجودها، والتنوع جزء من تجربة الإنسان؛ بين النور والظلام، والخير والشر، والحديث والقديم؛ تستمر الحياة في مجراها مُظهرة لنا أن التناقضات جزءٌ من سيرورتها وسرّها.
ورحلةُ الحج إيجازٌ لرحلة الحياة في تنوّعها وتدافع من فيها؛ إذ تتجلى في الحجّ الحركة والسكون، متضادّان لكنهما يشكلان معًا صورة الحج المتكاملة، بل ملخص العالم بأسره.
أما الطواف والسعي فيرمزان إلى حراك دائم؛ بطواف دائري حول الكعبة أو سعي مستقيم بين الصفا والمروة أو مشي إلى مِنى أو صعود إلى جبل الرحمة. وأما الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة والمُكث في مشعر مِنى فترمزُ إلى السّكون والهدأة والأناة، إلى التوقف برهة استعدادًا لمواصلة المسير.
سُنّة الحياة حراكٌ وسكونٌ، في الحركة نستلهمُ معنى الوجود، وفي السّكون نتلمّس عمق الذات، الحراك ضرورة للكسب والمعاش، والسّكون للتفكير والتخطيط ولملمة الأفكار، بالحراك والسعي نتعرف على العالم من حولنا وبالسكون نستكشف عالمنا الداخلي.
اللهُ أكبر اللهُ أكبر لا إله إلا اللهُ واللهُ أكبر
أيها الناس:
نقف بين يدي الحجّ فنعرف من هديه بناء الوطن، ونتأمل مقامات الحج لنحقق طموح الرؤية والرؤيا، رفع إبراهيم عليه السـّلام قواعد البيت العتيق لنرفع نحن اليوم أركان الوطن بشموخ منجزاته؛ ونعمل في وطننا على بسط الأمن ومتانة الاقتصاد تأسّيًا بدعوة إبراهيم لوطنه ﴿رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾، ورأى الرؤيا فصَدَقَ في تحقيقها، لنُنجز نحن الرؤية بالإحسان والصّدق: ﴿وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ، قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾.
وبين الحركة والسكون في الحج تدافعٌ محمودٌ وتوازنٌ طيّبٌ، وتكاملٌ لازمٌ نترجمه نحن في ثنايا الوطن وترابه، ونعمل به في واقع أنفسنا وعلاقاتنا: نُحرم في الوطن بقسم الولاء والطّاعة، ونلبس ثوب الهُويّة والمُواطنة، ونطوف على عمرانه بالعمل والبناء، ونسعى في مصالحه وثوابته، ونقف على جبل حقوقه، ونمكثُ سهرًا لحراسة مبادئه، ونرتوي من زمزم ثمراته وبركة عطائه ومدَدِ أمنه واستقراره، ونروي بماء التحلّل شجرة الوطن وأفكار نهضته، بالحركة الدؤوبة في الوطن تتحقق الإنجازاتُ، وبالسّكون والسّكينة نحافظ عليها لأجيالنا المقبلة، بالسّكون نستمع إلى نداء الوطن، وبالحركة نترجم ذاك النداء بـالعمل والعطاء والإخلاص.
اللهُ أكبر اللهُ أكبر
لا إله إلا اللهُ واللهُ أكبر
﴿إنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ تَسْلِيْمًا كَثِيْرًا.
اللَّهُمَّ اغدق عَلَيْنَا مِنْ فَضْلِكَ وَرِزْقِكَ، وابسط علينا بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ.
اللَّهُمَّ عَامِلْنَا بِإِحْسَانِكَ، وَأحطنا بامتِنَانِكَ، وَتَوَلَّنَا بِغُفْرَانِكَ.
اللَّهُمَّ اكتب لسُلْطَانِنَا هَيْثَمَ كمالات الخير، وتضاعف النعم، وتجدّد الألطاف، اللَّهُمَّ أَحِطْه بالأيام المشرقة، والآمال المبسوطة، والصحة الوافية.
اللَّهُمَّ احْفَظْ وَطَنَنَا عُمَانَ، واحفظ أرضه وحدوده وموارده، وامنحه الأَمْن وَالرَّخَاءِ، ووفقه لكُلِّ خَيْرٍ، واحمه مِنْ كُلِّ شَرٍّ، وَاجْعَلْ شَعْبَهُ في بشرى وَوِئام، وَأدمْ عَلَيْهِ السكينة والسّلام.
اللَّهُمَّ كُنْ للمُستَضْعَفِينَ في فِلَسطينَ وَغيرِهَا عَضُداً وَنَصيرِاً، وَمُدَّهم بِمَدَدٍ مِنْ قُوَّتِكَ وَسَنَداً مِن لَدُنكَ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِكُلِّ مَنْ آمَنَ بِكَ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ مُجِيبُ الدُّعَاءِ.
﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا﴾.
ولدى خروج جلالةِ عاهل البلاد المفدّى من جامع معسكر المرتفعة أطلقت مدفعيّة سُلطان عُمان بالجيش السُّلطاني العُماني إحدى وعشرين طلقةً، تحيّةً لجلالةِ القائد الأعلى /رعاهُ اللهُ/.
بعد ذلك غادر الموكب السّامي لجلالةِ السُّلطان المعظم معسكر المرتفعة وسط دعوات أبناء القُوّات المسلّحة الباسلة بأن يحفظهُ ويبارك في أيّامه وأعياده، ويُعيد عليه هذه المناسبة وأمثالَها أعوامًا عديدةً وأزمنةً مديدةً.
أدّى الصّلاةَ بمعيّة جلالتِه عددٌ من أصحاب السُّمو أفراد الأسرة المالكة الكريمة، وجناب السّادة والسّادة البوسعيد، وعددٌ من أصحاب المعالي الوزراء، وقادة قُوات السُّلطان المسلحة والأجهزة العسكريّة والأمنيّة وأصحاب السّعادة الوكلاء والمستشارين، وعددٌ من كبار الضباط والضباط المتقاعدين بقُوات السُّلطان المسلحة والأجهزة العسكريّة والأمنيّة.