لا شكَّ أنَّ المناسبات الجميلة في حياة الأُمم وذاكرتها، هي محصِّلة لِدَوْرة التَّاريخ والبَشَر، انعكاس لأحداث تكوَّنتْ نتيجةً لأقدارها وأُمنياتها، أعمالها وطموحاتها، كفاحها وأحلامها.
فتختار لها أيَّامًا أو شهورًا أو أعوامًا لتجمعَ فيها تلك الذِّكريات من قاطرة التَّاريخ ولِتضعَها على مسرح الواقع احتفالًا أو بالطَّريقة الَّتي تُعَبِّر فيها عن نَفْسِها وذاكرتها وذكرياتها.
ولعلَّ من المتعارف عَلَيْه منذُ القديم أن الأُمم الوطنيَّة تنتصر لتلك الذِّكريات عَبْرَ إعادتها إلى الذَّاكرة احتفالًا وابتهاجًا، فتُعيد التَّذكير بها، والابتهاج بالجميل مِنْها، وتأبِين المؤلِم والقاسي من تلك الأحداث بطريقتها الخاصَّة، كالاحتفال بأيَّام النَّصر على الأعداء، أو تخلُّصها من براثن الاستعمار، أو ولادة قادتها العُظماء، أو حتَّى رحيلهم.
وفي وطننا المَجيد، سلطنتنا الجميلة، عُمان المَجد والعزَّة والإباء، اعتدنا منذُ اليوم الأوَّل لنهضتها المباركة، الوطن الَّذي أسَّسه وأقام بنيانه المغفور له بإذن الله تعالى السُّلطان قابوس (طيَّب الله ثراه)، اعتدنا أن نحتفلَ بمِثل تلك المناسبات الوطنيَّة؛ لِمَا لها من دَوْر في تحفيز النُّفوس والدَّفع بها نَحْوَ مزيدٍ من العطاء والبذل، يضاف إلى ذلك أنَّ مِثل هذه المناسبات يُمكِن أن تكُونَ محطَّة للاستراحة المؤقَّتة والهادفة إلى الانطلاق من جديد بقوَّة واندفاع أكبر نَحْوَ المَجد.
وها نحن في هذا الأُسبوع البديع، الأسبوع الوطني الَّذي يصادف أن يكُونَ من بَيْنِ أيَّامه يوم خالد في الذَّاكرة الوطنيَّة، يوم نحتفل فيه وبه؛ لأنَّه يُعَبِّر عن محبَّة وولاء لقائد وسُلطان، وعقل قيادي جمع بَيْنَ العقل والحكمة والتَّقوى، عقل يعرف به حاجة العصر، وعزم يمضي به في إبلاغ العصر حاجته.
إنَّه اليوم الَّذي تولَّى فيه حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق «أعزَّه الله» مقاليد الحُكم في البلاد، يوم الحادي عشر من يناير المَجيد، اليوم الَّذي أصبح في الذَّاكرة الوطنيَّة يومٌ خالد من جملة أيَّامها وذكرياتها ومناسباتها الوطنيَّة الجميلة، يوم نُجدِّد فيه العهد والولاء للقائد المُجدِّد، والسُّلطان الَّذي حملَ على عاتقه أعباء وأمانة إكمال مَسيرة بناء هذا الوطن المَجيد، وإنَّها أمانة ندعو الله العليَّ القدير أن يعِينَه عَلَيْها، وإنَّه أهْلٌ لها بمشيئة الله وعونه.
وكما قال جلالته في خِطابه الأوَّل بتاريخ 11 يناير 2020 «إنَّ الأمانة المُلقاة على عاتقنا عظيمة والمسؤوليَّات جسيمة فينبغي لنا جميعًا أن نعملَ من أجْلِ رفعة هذا البلد وإعلاء شأنه، وأن نسيرَ قُدُمًا نَحْوَ الارتقاء به إلى حياة أفضل ولن يتأتَّى ذلك إلا بمساندتكم وتعاونكم وتضافر كافَّة الجهود للوصول إلى هذه الغاية الوطنيَّة العظمى، وأن تقدِّموا كُلَّ ما يُسهم في إثراء جهود التَّطوُّر والتَّقدُّم والنَّماء».
ختامًا، نرفع للمقام السَّامي لحضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق «أعزَّه الله» أسمَى آيات التَّهاني والتَّبريكات بهذه المناسبة الوطنيَّة العظيمة، سائلين الله له العمر المديد، وأن يمدَّه بموفور الصحَّة والعافية، وأن يرزقَه البطانة الصَّالحة الَّتي تُعِينه على أمْرِ دِينه ودُنياه، كما نُبارك للشَّعب العُماني هذه المناسبة الجميلة، سائلين الله العليَّ القدير أن يديمَ مِثل هذه المناسبات والأفراح على هذا الوطن والشَّعب أعوامًا مديدة، وأن يباركَ لنَا وطنَنا الحبيب سلطنة عُمان بالسَّلام والأمن والطُّمأنينة، وأن يجنِّبَه الحاقد الكائد الفاسد.. اللَّهُمَّ آمين.
محمد بن سعيد الفطيسي
باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
رئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية
https://alwatan.om/article/17733/11-%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B1%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%A8%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A9