حفل الخطاب السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- الذي تفضل جلالته بإلقائه يوم الأحد 23 من فبراير 2020م، بالعديد من المضامين النبيلة، وذخر بالكثير من المعاني الجليلة، ورسم خارطة طريق واضحة المعالم لتمضي عمان على هديها في مسارها النهضوي المستقبلي، مترسمة خطى المغفور له بإذن الله جلالة السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور – طيب الله ثراه- باني نهضتها الحديثة ومؤسس دولتها المعاصرة.
ويشكل الخطاب السامي لجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- منهاجا متكاملا للعمل الوطني خلال المرحلة المقبلة، ويرسم خارطة طريق واضحة المعالم لاستكمال مسيرة النهضة العمانية الحديثة، ورفدها بالمزيد من عوامل الازدهار والديمومة بما يكفل اضطراد التقدم لعماننا الغالية.
كما تضمن الخطاب السامي جملة من الموجهات المهمة الهادفة إلى ترسيخ مقومات الحكم الرشيد.
وإذا حاولنا أن نقف على تفصيل ما تضمنه الخطاب السامي، وإمعان النظر في ثناياه، والتأمل في مضامينه ، نجد أن جلالته – حفظه الله ورعاه – استهل الخطاب بالتأكيد على الوفاء والامتنان والعرفان للسلطان قابوس- طيب الله ثراه – لتكريسه حياته لبناء نهضة عمان الحديثة، وتأسيس دولتها المعاصرة، ونقلها إلى رحاب الحداثة وفق رؤية سديدة، وسياسة حكيمة، محققا إنجازات هائلة في شتى المجالات وفي جميع أنحاء السلطنة ، ومخلفا مآثر عظيمة ستظل خالدة في وجدان أبناء هذا الشعب، وستكون مصدر إلهام لهم، وحافزا على العمل بإخلاص وتفان من أجل خدمة عمان، والحفاظ على مكتسباتها وصون أمنها واستقرارها، والإسهام في نمائها وازدهارها، والسعي للارتقاء المستمر بمكانتها بين الأمم.
وجاءت إشارة جلالته -حفظه الله ورعاه- إلى فيض المشاعر النبيلة والصادقة التي عبر عنها الجميع تجاه السلطان الراحل رجل الحكمة والسلام ورمز التسامح والوئام، مما يؤكد على تأصل قيمة الوفاء لدى العمانيين ضمن الكثير من الصفات والسجايا الحميدة التي جُبل عليها هذا الشعب الوفي.
ولم يقتصر التعبير عن مشاعر الحزن لرحيل السلطان قابوس – طيب الله ثراه – على العمانيين، بل امتد ليشمل الكثيرين في شتى بقاع العالم، في تجسيد لمكانته العظيمة، ولما يحظى به – رحمه الله – من تقدير عالمي.
وجدد الخطاب السامي التأكيد على المضي قدما على طريق البناء والنماء، ومواصلة المسار النهضوي لعمان بتضافر جهود جميع أبناء الوطن.
وتناول الخطاب السامي لجلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه-، البعد الحضاري لعمان المستمد من تاريخها العريق وحاضرها الزاهر ومستقبلها الواعد، والتأكيد على دورها الرائد ككيان فاعل ومؤثر في نماء المنطقة وازدهارها، وحريص على استتباب الأمن والاستقرار فيها.
وستظل السلطنة حريصة على النهوض بدورها داعية للوئام، والقيام بمقتضيات الأمانة التاريخية في أن تستمر حاملة لرسالة السلام، ومبشرة بقيم التعايش والتسامح.
الشباب والرعاية السامية
ومن بين المضامين المهمة، التي حفل بها خطاب جلالته – حفظه الله ورعاه- التأكيد على الاهتمام بالشباب انطلاقا من الوعي بدورهم الريادي في نهضة الأمم لكونهم يمثلون سواعد البناء والنماء، وعقول التفكير في الغد الأفضل.
ويتطلب بناء عقول الشباب وتأهيلهم الاهتمام بالتعليم، لذا أكد الخطاب السامي على العناية بالتعليم على كافة مستوياته، وبمختلف أنواعه، إضافة إلى تهيئة البيئة المحفزة على البحث العلمي والإبداع والابتكار باعتبار أنها أصبحت من المقومات الرئيسية لتقدم الدول في وقتنا الراهن.
لقد حمل الخطاب رسالة مهمة للشباب، وزفّ لهم البشرى بأنهم يتصدرون قائمة الاهتمامات السامية لجلالة السلطان – أعزه الله – من خلال الاستماع لهم، والحرص على تلمس احتياجاتهم، والعمل على تلبية تطلعاتهم ، والعمل على تطوير إطار وطني شامل للتشغيل، يركز على استمرار تحسين بيئة العمل في القطاعين العام والخاص، ومراجعة وتطوير نظم التوظيف في القطاع الحكومي، إضافة الى تبني نظم وسياساتِ عمل جديدة تتيح الاستفادة القصوى من الموارد والخبرات والكفاءات الوطنية، واستيعاب أكبر قدر ممكن من الشباب، وتمكينهم من الانخراط في سوق العمل، لضمان استقرارهم، وليسهموا في بناء مستقبل وطنهم وتعزيز نهضته.
مقومات الحكم الرشيد
وتطرق الخطاب السامي إلى دولة القانون والمؤسسات التي يعيش في كنفها الجميع من مواطنين ومقيمين في أمن وأمان، وترتكز على مبادئ الحرية والمساواة، وتسودها قيم العدل والكرامة، وتتكامل فيها جهود الجميع، ويعملون معا في شراكة بناءة لصناعة حاضر البلاد ومستقبلها، في دولة تصون حقوق المرأة، والتي تعمل مع الرجل جنباً إلى جنب، في مختلف المجالات خدمة لوطنها ومجتمعها، وإسهاما في رقي وتطور عمان المجد.
وأفرد الخطاب السامي حيزا كبيرا للحديث عن ترسيخ مقومات الحكم الرشيد، وذلك من خلال عدد من الإجراءات، يمكن إجمالها في الآتي:
– إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة.
– تحديث المنظومة التشريعية والقانونية.
– تدعيم مبادئ النزاهة والشفافية، وتطبيق نهج المساءلة والمحاسبة.
– تطوير آليات صنع القرار الحكومي بما يخدم المصلحة الوطنية العليا.
– إعلاء مصالح الوطن على المصالح الشخصية
ولا شك أن هذه الموجهات تشكل أطرا ملائمة لتدعيم مسيرة الحكم الرشيد، وتعظيم ثماره لصالح الوطن والمواطنين.
الاقتصاد.. حضور لافت
وسجل الاقتصاد حضورا بارزا في الخطاب السامي لجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- لارتباطه بشتى ميادين الحياة، ولما يكتنفه من تحديات ناجمة عن تأثيرات الظروف الدولية الراهنة، إضافة إلى ما تتطلبه التنمية المستدامة من توظيف أمثل للموارد، وتنويع مصادر الدخل عبر زيادة تفعيل دور القطاعات غير النفطية وتعظيم إسهامها في الاقتصاد الوطني.
وهنا تتوجب الإشارة إلى أن الرؤية المستقبلية “عمان 2040” التي أشرف جلالته -أعزه الله- على إعدادها وبمشاركة مجتمعية واسعة، تتضمن أهدافا طموحة ، تسعى إلى تحقيقها من خلال تبني العديد منظومة إجرائية متكاملة تستجيب لمتطلبات المرحلة المقبلة ، وتكفل تذليل تحدياتها.
وفي هذا الإطار؛ حدد الخطاب السامي الخطوات التي سيتم اتخاذها لدعم الاقتصاد ، ومن ذلك : إعلاء قيم العمل ومبادئه وتبني أحدث أساليبه وتطوير آلياته ، والعمل على تعزيز التنويع الاقتصادي بما يكفل استدامة الاقتصاد الوطني، وتطوير أداء الشركات الحكومية لتعزيز إسهامها في المنظومة الاقتصادية، والتوجيه الأمثل للموارد المالية بما يساعد في زيادة الدخل وخفض المديونية وتحقيق التوازن المالي، وتحفيز الاستثمار، وانتهاج أساليب الإدارة الكفؤة والفعالة في القطاعات الحكومية ، إضافة إلى العمل على تطوير الأنظمة والقوانين ذات الصلة بالجوانب الاقتصادية.
وفي هذا السياق ؛ لم يغفل الخطاب السامي الإشارة إلى الدور المهم الذي يضطلع به القطاع الخاص في التنمية ، مع دعوته لمضاعفة جهوده لمواكبة التطلعات الكبيرة المعقودة عليه لدعم الاقتصاد الوطني .
وأعلى الخطاب من أهمية ريادة الأعمال وقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ودوره المرتجى لأن يكون لبنةً أساسية في منظومة الاقتصاد الوطني من خلال مشاريع شبابية رائدة تقوم على البحث العلمي والاختراع والابتكار.
إشادة.. وخلاصة
وجاءت إشادة جلالة السلطان المعظم – اعزه الله- بالقوات المسلحة في القطاعات العسكرية والأمنية، والتأكيد على دعمهم، وسام تقدير للساهرين على حماية الوطن، والذود عن حياضه، وصون مكتسباته.
وخلص الخطاب السامي لجلالة السلطان المعظم – حفظه الله ورعاه- إلى تجديد التأكيد على مسؤولية الجميع تجاه بناء عمان، وتدعيم مسارها صوب مرافئ التقدم والازدهار.