يأتي تفضُّل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بترؤس اجتماع مجلس الوزراء الموقر بقصر البركة العامر يوم أمس، في إطار حرص جلالته على متابعة الخطط وتفاصيل أهدافها، وسير العمل من أجل تنفيذها، حيث متطلبات المرحلة تقتضي هذه المتابعة الدقيقة والأمينة من لدن جلالته ـ أيَّده الله ـ ذلك أن هذه المرحلة وما يتواكب معها من خطط كالخطة الخمسية العاشرة التي تُعد أولى خطط العمل للرؤية المستقبلية “عمان 2040” التي تستعد الدولة بجميع مؤسساتها مباشرة تنفيذها بدءًا من العام القادم 2021م وحتى نهاية عام 2040م بإذن الله تعالى، حيث أشار جلالته ـ أعزَّه الله ـ إلى أنها خلاصة جهد وطني وتوافق مجتمعي، وأن نجاحها مسؤولية الجميع دون استثناء كل في موقعه.
ويكتسب اجتماع مجلس الوزراء الموقر أهمية لجهة أن التطورات المتلاحقة والمتغيرات الاقتصادية الدولية التي فرضت نفسها أمام جميع دول العالم دون استثناء، وفرضت تحدياتها أمام حكوماتها، تتطلب المراجعة والوقوف على الإنجازات والمعوقات التي تحول دون إتمام البرامج والمشروعات، ومتابعة المقترحات ونتائج الدراسات والندوات والأبحاث التي تتناول الشأن الاقتصادي وتوصي بالحلول والمعالجات للتحديات والمعوقات، والتي (أي الحلول والمعالجات) بدورها تسهم في إضاءة الطريق أمام القائمين على عملية البناء، والتي بموجبها قد يستدعي الأمر مزيدًا من التوجيه والتقويم. لذلك كان جلالته ـ أبقاه الله ـ واضحًا في هذا الشأن، انطلاقًا من الأولويات الوطنية التي ترتكز عليها رؤية “عُمان 2040” مؤكدًا ضرورة توجيه كافة الجهود والموارد لتحقيق أهداف aوالمشاريع الكبرى مع تنمية القدرات الوطنية، وربط كل هذه الجهود بتشغيل المواطنين؛ باعتباره إحدى أهم الأولويات الوطنية.
كما يكتسب الاجتماع أهميته من حيث حساسية المرحلة واستثنائيتها جراء التداعيات التي جرَّتها جائحة كورونا “كوفيد 19” وجائحة تراجع أسعار النفط، لتُوجِّها معًا ضربات موجعة إلى الاقتصاد العالمي على خلفية النتائج الراتبة للإجراءات الاحترازية الاستثنائية التي اتخذتها جميع دول العالم لحماية مواطنيها والمقيمين على أراضيها من خطر الإصابة بوباء “كوفيد 19”، وكذلك يكتسب الاجتماع أهميته من حيث العودة التدريجية للحياة ومظاهرها في السلطنة وفق قرارات اللجنة العليا المكلفة ببحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا “كوفيد 19” وبُعيد إعلان نتائج التعداد الإلكتروني 2020م الذي تفضَّل جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ أعزَّه الله ـ باعتمادها أمس الأول في الوقت الذي تستعد فيه السلطنة لتفضُّل جلالته ـ أبقاه الله ـ بالتصديق على الميزانية العامة للدولة، حيث ستمثل نتائج التعداد قاعدة بيانات أمام المخططين ومتخذي القرار لرسم خريطة العمل والمشروعات التنموية، وبما يعود بالنفع على الوطن والمواطنين، فمسيرة النهضة المباركة طوال عقودها الخمسة أخذت تسير وفق خطين متوازيين: أحدهما يستهدف بناء الإنسان العماني القادر على حمل راية العمل والإنتاج والتطوير الدؤوب لأدوات ذلك الإنتاج، وفي خلفية ذلك الأخذ في الحسبان أهمية توفير فرص العمل أمام الباحثين عنه، وتوفير الحياة الكريمة، ولقمة العيش الهنيئة، وتشجيع الشباب على المشروعات والمبادرات الفردية، وتقديم الدعم اللازم لهم، والخط الآخر هو رفد البنية الأساسية بالمشروعات والمصانع والموانئ والمناطق الحرة والمؤسسات ومواقع العمل وما تحتاجه من خدمات ومستلزمات. فقد أكد جلالته ـ أعزَّه الله ـ أن مشروعي الخطة والميزانية سيمثلان منطلقًا لاستدامة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وتحقيق معدلات نمو جيدة ومتواصلة.
وفي هذا السياق وفي إطار الحرص السامي لجلالته ـ حفظه الله ورعاه ـ على تحقيق الكفاءة والاستدامة المالية لصناديق التقاعد، أقر جلالته التوصيات بإنشاء صندوقين للتقاعد الأول للقطاع المدني والقطاع الخاص، والثاني لمنتسبي الوحدات العسكرية والأمنية، وتعديل الحد الأدنى لسنوات الخدمة المطلوبة لاستحقاق التقاعد المبكر في جميع الأنظمة السارية ليكون (30) سنة خدمة، ووضع نظام تقاعد موحد للمنتسبين الجدد في الوحدات الحكومية كافة والقطاع الخاص وبأثر رجعي على الموظفين الحاليين الذين لم يكملوا ثلث الحد الأدنى من المدة المطلوبة لاستحقاق معاش التقاعد.
ولا ريب أن هذا التعديل في صناديق التقاعد من شأنه أن يذلل التحديات التي تواجهها نتيجة تعددها، وسيعمل على رفع كفاءة استثمار أموالها بما يحقق مستويات ربحية ووفورات مالية تعزز الثقة وتبعث على الاطمئنان.
حفظ الله جلالة السلطان المعظم، وأدامه ذخرًا وفخرًا لهذا الوطن العزيز ولأبنائه الأوفياء، وسدَّد على طريق الخير خطاه، وأحاطه بتوفيقه ورعايته وعنايته.. إنه سميع مجيب.