تحتفل السلطنة من أقصاها إلى أقصاها بالعيد الوطني الخمسين المجيد للنهضة المباركة في هذا اليوم الأغر الثامن عشر من نوفمبر، الذي مثَّل الحدث الأبرز في التاريخ الحديث للسلطنة. فهذا الاحتفال يمثل الضمير الحي وإحدى المناسبات الوطنية واللحظات والساعات والدقائق والثواني السعيدة التي تعبق فيها ذاكرة كل عماني بذلك الحضور الكبير للمغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ والتي تستلذ فيها الألسُن التعبير الصادق النابع من الأعماق عن ما يكنه الوجدان والخلجات من صفاء الكلم وصدق المشاعر، وصدق الولاء والانتماء والعرفان، والتعبير الخالص المعبِّر عن عمق الارتباط الخالد بين العماني وجلالة السلطان الراحل الذي صاغ أروع الملاحم في التاريخ الحديث في كيفية بناء الدولة القوية، وقبلها بناء الإنسان المتعلم المؤهل المدرب، المعتمد على ذاته، المنتمي لوطنه، المتسامح مع نفسه ومع غيره، المعتز بهويته وبقيمه ومبادئه وعاداته وتقاليده، وبتراث أجداده، المتمسك بدينه وشريعته ومبادئه، الحريص على تطوير ذاته وصقل مهاراته والاستفادة من العلوم والمعارف والخبرات، لينطلق نحو الرقي بوطنه وتطوره وتقدمه، وإكسابه المزيد من عوامل القوة والتمكين، والذي (أي المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس) قدَّم للمشرِّعين والمنظِّرين والمخطِّطين وللساسة ولذوي الحكم والسلطة أفضل فلسفة للحكم وبناء الدولة وإنسانها وقيادتها، والركائز السليمة والقويمة الصلبة التي تبنى عليها الدول وتوطد بها العلاقات، وتنسج العلاقة الوطيدة والمكينة بين القائد والشعب، والمرتكزة على التلاحم والتعاون والانتماء والولاء، والمحبة والألفة.
وإذا كان مؤسس نهضة عُمان الحديثة الذي امتلك وجدان البلاد بأسرها، سلطان القلوب المغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد ـ رحمه الله ـ يغيب شخصه عن هذه المناسبة الوطنية المجيدة خلافًا عما كان عليه في الأعوام الماضية التسعة والأربعين، حيث ستفتقد عُمان تلك الأيادي الأبوية الحانية وهي تلوح بالسلام على أبناء عُمان الأوفياء، وتلك الوقفة العسكرية المهيبة، وتقدُّم قائد طابور الاستعراض العسكري مستأذنًا جلالته لبدء الاستعراض قائلًا “مولاي صاحب الجلالة، طابور قواتكم المسلحة جاهز، فهل تأمروا جلالتكم ببدء الاستعراض مولاي”، فإنه حاضر بروحه في كل الوجدان والذاكرة، وحاضر بفكره وتوجيهه السديد ومتابعته الكريمة في كل لَبِنَة من لَبِنات هذا البناء العماني الشامخ. كما أنه حاضر حي بيننا بخير الخلف لخير سلف الذي استخلفه فينا ليكون أمينًا وقلبًا على هذا الوطن وأبنائه الأوفياء، إنه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي توسَّم فيه ـ المغفور له بإذن الله تعالى ـ الصفات والسمات التي تؤهله لحمْل هذه المسؤولية والأمانة، فها هو نعم الخلف لخير السلف، ونعم المؤتمن، ونعم القائد المتزن المتصف بصفات الحكمة والقيادة، يقود سفينة هذا الوطن بكل حكمة واقتدار.
ها نحن اليوم نعيش غمار عهد متجدد للنهضة المباركة، يؤسس فيها خير الخلف لخير سلف، جلالة السلطان المعظم ـ أيده الله ـ لمرحلة من العمل الوطني، تراكم الإنجازات والمكتسبات، وتمضي وفق خطط ورؤى واضحة، قوامها رؤية “عمان 2040” وخطة التوازن المالي، والخطة الخمسية العاشرة، مرحلة ركيزتها الصبر والإرادة الصلبة والعزم الذي لا يلين، وحكمة وقَّادة، ورؤية متبصرة مستنيرة، تنشد الخير والسؤدد لهذا الوطن العزيز وأبنائه الأوفياء.
إن الاحتفال اليوم بالعيد الوطني الخمسين المجيد مناسبة غالية على قلب كل عماني، ومناسبة وطنية يتجدد فيها الولاء والعرفان، وبهذه المناسبة المجيدة لا يسعنا إلا أن نتقدم بأحر التهاني والتبريكات إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وإلى الشعب العماني الأبي، ونرفع أكف الضراعة بأن يعيد المناسبة المجيدة على جلالته أعوامًا عديدة وأزمنةً مديدة، وعُمان في ظل قيادته الحكيمة في أمن وأمان وتقدم مستمر.
http://alwatan.com/details/405763