تحل، الإثنين، ذكرى تولي سلطان عمان هيثم بن طارق مقاليد الحكم، 11 يناير الماضي، في وقت تعيش فيه السلطنة حاضرا واعدا وتتطلع لمستقبل زاهر.
وتحل تلك الذكرى بعد عام شهدت خلاله السلطنة إنجازات واعدة تؤسس لنهضة عمانية متجددة، تتجسد في رؤية “عُمان 2040″، التي تعبر عن التطلعات والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً لعُمان.
رؤيةٌ تركز على دعم النمو الاقتصادي، وتنويع مصادر الدخل، وتحقيق الاستدامة المالية مصحوبة ببرامج الحماية الاجتماعية، مع ترشيد ورفع كفاءة الإنفاق، وإرساء نظام تعليمي وصحي بجودة عالية، ضمانا لتواصل البناء والعمران لمصلحة الأجيال المتعاقبة.
ويحتفي العمانيون بهذه المناسبة وقلوبهم تفيض بمشاعر الحب والامتنان والتقدير لسلطان البلاد، وهم يلامسون ويشهدون الإنجازات التنموية التي تحققها بلادهم على مختلف الأصعدة.
خارطة طريق لنهضة متجددة
ومنذ اليوم الأول لتولي السلطان هيثم بن طارق مقاليد الحكم في 11 يناير/كانون الثاني الماضي، أكد في خطابه الأول، أنه ماضٍ في الحفاظ على ما أنجزه سلطان البلد الراحل قابوس بن سعيد والبناء عليه.
وفي خطابه الثاني في 23 فبراير/ شباط الماضي، وضع أسسا وقواعد للحفاظ على المنجزات التي حققتها النهضة العمانية خلال العقود الخمسة الماضية، والبناء عليها، وصون مكتسبات النهضة لقيادة بلاده لتحقيق المزيد من التقدم والازدهار واستكمال بناء الدولة الحديثة وتسريع وتيرة الإنجازات.
في ذلك الخطاب وضع مبادئ وأسسًا مهمّة تحدّد ملامح المرحلة المقبلة المهمّة من مسيرة البناء والتنمية والنهضة الشاملة فركز من بينها على أهمية الشباب في بناء الأوطان وحاضر الأمّة ومستقبلها.
مسيرة تشمل قطاع التعليم بمختلف أنواعه ومستوياته وتوفير البيئة الداعمة والمحفزة للبحث العلمي والابتكار، إلى جانب إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتحديث منظومة التشريعات والقوانين.
كما تشمل تبسيط الإجراءات وحوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبة؛ لضمان المواءمة الكاملة والانسجام التام مع متطلبات رؤية عمان 2040 وأهدافها.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أكد السلطان هيثم أهمية قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وقطاع ريادة الأعمال، لا سيما المشاريع التي تقوم على الابتكار والذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، وتدريب الشباب وتمكينهم؛ للاستفادة من الفرص التي يتيحها هذا القطاعُ الحيوي.
وبين أنه سيولي كل الاهتمام والرعاية والدعم، لتطوير إطار وطني شامل للتشغيل، باعتباره ركيزة أساسية من ركائز الاقتصاد الوطني، وتبني نظم وسياساتِ عمل جديدة تمنح الحكومة المرونة اللازمة والقدرة التي تساعدها على تحقيق الاستفادة القصوى من الموارد والخبرات والكفاءات الوطنية.
إضافة إلى استيعاب أكبر قدر ممكن من الشباب، وتمكينهم من الانخراط في سوق العمل؛ لضمان استقرارهم، ومواكبة تطلعاتهم؛ استكمالاً لأعمال البناء والتنمية.
إنجازات
وسريعا ما تحولت تعهدات السلطان في خطاباته إلى إنجازات.
وإدراكًا من السلطان هيثم بن طارق أن ثمة تحديات تقف أمام العمانيين، لعل أهمها التسريح من العمل والبحث عن فرصه، وجَّه في مارس/آذار الماضي، باتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء صندوق الأمان الوظيفي وإعداد نظامه وآليات عمله، وتمويله بمبلغ عشرة ملايين ريال عماني كبداية لتأسيسه.
وفي مجال التعليم، وجه السلطان هيثم بن طارق بقيام ديوان البلاط السلطاني بتمويل بناء 6 مدارس ذات أولوية بتكلفة مالية تقديرية تبلغ حوالي 8 ملايين و850 ألف ريال عماني.
وفي يونيو/حزيران الماضي وانطلاقًا من اهتمام السلطان بمواصلة تعزيز النمو الاقتصادي وحركة التنمية في السلطنة أصدر توجيهاته بتنفيذ عدد من المشاريع التنموية في السلطنة بقيمة 300 مليون ريال من بينها مشروع تطوير ميناء الصيد البحري متعدد الأغراض في ولاية دبا بمحافظة مسندم.
ولمواجهة الأزمة الصحية التي عصفت بدول العالم أجمع وتمثلت في انتشار فيروس كورونا المستجد، أصدر السلطان هيثم بن طارق في مارس/ آذار الماضي أوامر بتشكيل لجنة عليا تتولى بحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار هذا الفيروس، وترأس بنفسه عدد من اجتماعاتها، وأشاد بتعاون المواطنين والمقيمين في هذا الخصوص مما كان له دور فعال في التخفيف من حدة الآثار لهذه الجائحة.
وتستهل السلطنة بدء تنفيذ خطة التنمية الخمسية العاشرة ( 2021 ـ 2025 ) بتدشين العديد من المشاريع الاقتصادية المهمة ومن بينها تشغيل ميناء الدقم بطاقته الكاملة خلال شهر يناير الجاري وتشغيل مجمع لوى للصناعات البلاستيكية بولاية صحار وبدء الاستثمار في منطقة الصناعات السمكية والغذائية في ميناء الصيد البحري بالدقم وبدء الإنتاج من حقل “غزیر” الذي سيسهم في توفير طاقة إضافية للصناعات المحلية.
كما شملت أوامر السلطان هيثم تنفيذ عدد من المشاريع التنموية في مختلف محافظات السلطنة بقيمة 371 مليون ريال عماني.
إعادة هيكلة مفاصل الدولة
كل تلك الإنجازات، ساهم في التسريع من تحقيقها، سلسلة مراسيم أصدرها السلطان، كان من أبرزها إصداره في أغسطس/ آب الماضي، 28 مرسوما ـ أعاد بموجبها هيكلة الكثير من مفاصل الدولة، حيث تضمنت إلغاء قوانين وإعادة هيكلة بعض الوزارات واستحداث أخرى وتغيير مسميات بعضها، ضمن مسارات واضحة، لتحسين الأداء وزيادة الإنتاج، وخفض الإنفاق، والقضاء على البيروقراطية.
كما تضمنت خطة الهيكلة ضخ دماء جديدة في الجهاز الإداري للدولة وتمكين الشباب لتولي المناصب القيادية والمشاركة في صنع القرار، بتعيين نجله ذي يزن بن هيثم بن طارق آل سعيد (30 عاما) وزيرًا للثقافة والرياضة والشباب، ومنح المزيد من الثقة للمرأة بتعيين 3 وزيرات في الحكومة.
أول مقابلة شعبية
وفي إطار حرص السلطان هيثم بن طارق الدائم على الالتقاء بالمواطنين ليطلع على احتياجاتهم ومتطلباتهم، التقى في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، عددا من شيوخ ولايات محافظة ظفار جنوبي السلطنة، في أول لقاء شعبي مباشر بين السلطان وشعبه منذ توليه مقاليد الحكم.
السياسة الخارجية
على الصعيد الخارجي، حافظت السلطنة في عهد السلطان هيثم على ثوابت سياستها الخارجية القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب، وحسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، واحترام سيادة الدول وعلى التَّعاون الدولي في مختلف المجالات.
وواصلت مع أشقائها في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وفي جامعة الدول العربية، الإسهام في دفع مسيرة التعاون، والنأي بالمنطقة عن الصراعات والخلافات، والعمل على تحقيق تكامل اقتصادي يخدم تطلعات الشعوب العربية.
وأكد السلطان هيثم أن السلطنة ستبقى كما عهدها العالم داعية ومساهمة في حل الخلافات بالطرق السلمية وباذلة الجهد لإيجاد حلول مرضية لها بروح من الوفاق والتفاهم، كما أنها ستواصل دورها كعضو فاعل في منظمة الأمم المتحدة تحترم ميثاقها وتعمل مع الدول الأعضاء على تحقيق السلم والأمن الدوليين ونشر الرخاء الاقتصادي في جميع دول العالم، ودعم قيم التسامح والعمل الجماعي والعيش في سلام مع الجميع.
مستقبل واعد
ورغم الظروف الدولية الراهنة والتحديات التي فرضها انخفاض أسعار النفط العالمية والآثار المترتبة جراء جائحة كورونا المستجد، فإن الإجراءات والخطوات الحكيمة التي أعلن عن تنفيذها السلطان هيثم على مدار العام الأول من حكمه، كفيلة بتجاوز تلك الظروف ومواصلة مسيرة النهضة.
ففي أكتوبر الماضي وفي إطار حرص السلطان هيثم بن طارق على توجيه الموارد المالية للسلطنة التوجيه الأمثل ووضع تحقيق التوازن المالي في أعلى سلم أولويات الحكومة، تم إقرار خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020 – 2024) التي قامت الحكومة بوضعها، وتهدف إلى تحقيق الاستدامة المالية والتوازن المالي بين الإيرادات والنفقات العامة مع نهاية عام 2024، وتهيئة الظروف المالية الداعمة لانطلاق الرؤية الوطنية “عُمان 2040”.
وفي خطابه الثالث في 18 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بمناسبة العيد الوطني الخمسين بشر مواطني بلاده بأن “الاقتصاد سيشهد خلال الأعوامِ الخمسةِ القادمةِ معدلاتِ نموٍّ تلبي تطلعات الجميع”.
واكد إنه ماض “في التأسيسِ لمرحلـةٍ أخرى، من نَهْضَةِ عُمانَ المتجددة، تتواكبُ مع متطلباتِ المرحلةِ القادمةِ، بما يلبي طموحَ وتطلعاتِ أبناءِ الوطنِ”.
وتعمل السلطنة حاليا، بتوجيهات من السلطان هيثم، على المضي قدما في تحقيق الرؤية المستقبلية “عُمان 2040” التي بدأ تنفيذها بداية من مطلع يناير/كانون الثاني الجاري، وهي الرؤية التي تجسّد التطلعات والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً لعُمان.
وقد تم تحديد التوجّهات الاستراتيجية لهذه الرؤية وفقًا لأهداف أولية تضمنت نظاما تعليميا يتسم بالجودة العالية، ومنظومة وطنية فاعلة للبحث العلمي والإبداع والابتكار تسهم في بناء اقتصاد المعرفة ومجتمعها وتمكين كفاءات وطنية ذات قدرات ومهارات منافسة محليا وعالميا.
ومن بين هذه التوجهات إيجاد بيئة جاذبة لسوق العمل والتشغيل تتيح للقطاع الخاص أخذ زمام المبادرة لقيادة اقتصاد وطني تنافسي مندمج مع الاقتصاد العالمي، والمحافظة على استدامة البيئة وتنمية جغرافية شاملة قائمة على مبدأ اللامركزية والشراكة وتكامل الأدوار بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع.
وتواصل سلطنة عُمان بقيادة السلطان هيثم بن طارق مسيرة نهضتها المتجددة بكل ثقة واقتدار نحو مستقبل أكثر ازدهارًا ونماءً.
https://al-ain.com/article/sultan-oman-achievements-year